على اثر نشر وزارة التربية الوطنية للوائح الاساتذة المتواجدين في رخصة قانونية وقامت بادراجهم في خانة المتغيبين عن العمل، والبالغ عددهم 611 مدرسا بمجموع المديريات الاقليمية، انفجرت مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات التعيليمية غضبا على هذا القرار غير المسبوق. فعلى مدى اليومين الماضيين توالت ردود الفعل المنددة بهذا القرار من طرف هيئة التدريس بالمغرب واعتبروا ذلك تشهيرا مجانيا بالاساتذة وخرقا سافرا لمقتضيات المذكرة الوزارية التي تنص على الحرص على كتمان السر المهني وعدم الافصاح عن المعلومات الخاصة بالموظفين والمرافق العمومية والتي يتحصل عليها اثناء مزاولة مهمة في الوظيفة العمومية.
وهكذا فقد تقاطرت التعليقات التي تتهم حصاد ب"الحقد" على من يفترض فيه أن يدافع عنهم، وتحريض المجتمع اكثر ضده باتهامه بالتقصير في عمله، وتغليط الرأي العام الوطني باتهام من هم في رخصة قانونية بالغياب عن العمل. كما استغرب الاساتذة ومعهم المتتبعون للشأن التعليمي الارقام المبالغ فيها لعدد ايام الغياب مقرونة بشهر واحد وهو شهر شتنبر الذي اعتبرته الوزارة مرجعا لاحصائياتها.
من جهتها شن القياديين ببعض المركزيات النقابية هجوما لاذعا على الوزير حصاد، مستنكرين قرار وزارته نشر اسماء "المتغيبن" للعموم وبدن "سند قانوني". هكذا فقد قال القيادي في نقابة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم المحسوبة على حزب بنكيران، عبد الاله دحمان في تدوينة على فيسبوك "لسنا عمال ضيعة...ولا قطاع التعليم ضيعة لك يا حصاد، وما قمت به يستدعى المساءلة الجنائية"، وهي الجملة التي اججت غضب اطرافا داخل الوزارة حسب مصادر مقربة. بدوره وجه الكاتب العام للجامعة الحرة للتعليم رسالة الى الوزير حصاد عبر فيها عن أسف الجامعة لقرار الوزارة نشر أسماء المدرسين والمدرسات المتواجدين في رخصة عمل للعموم، لما يعتبر ذلك خرقا لمقتضيات المذكرة الوزارية التي تحض على احترام السر المهني، داعيا الى تحفيز اطر التدريس لاشراكهم في الاصلاح المنشود.
وفي نفس السياق، وجه فريق العدالة والتنمية في البرلمان سؤالا كتابيا الى السيد الوزير بخصوص نشر لوائح اساتذة في رخصة، حيث تساءل النواب عن الأساس القانوني الذي استنذ عليه لإشهار المتغيبين عن العمل من رجال ونساء التعليم، وعن السر في اقتصار الوزارة على هذه الفئة من الموظفين دون غيرهم في التشهير. كما يعتزم بعض المتضررين من نشر اسماءهم رفع دعاوي قضائية ضد الوزارة لخرقها لقانون "كتمان السر المهني".
ولأن الوزارة فضلت القفز على الحائط القصير كما اعتادت عليه الا وهو الحلقة الاضعف في المنظومة-"رجل التعليم"-، فقد دعا نشطاء فيسبوكيون الوزير حصاد الى امتلاك الشجاعة السياسية لنشر اسماء المتغيبين في باقي الهيئات من وزارته بما في ذلك رؤساء الاقسام وكبار المسؤولين. كما دعوا الوزير الى كشف الاموال الطائلة التي صرفت على مخططات الوزارة الفاشلة منها المخطط الاستعجالي، واسماء الاشخاص المفسدين المتهمين بالتلاعب في صفقاته ولائحة اسمية بكافة المتورطين في فشله، واسماء المتورطين في فضائح اخرى اكثر اهمية من غياب استاذ عن حصة دراسية ولدوافع صحية، كاسماء المتورطين في فضيحة تسريب مواد امتحان الباكالوريا لسنة 2014.
وتماشيا مع موجة الغضب التي لازالت ترخي ظلالها على الجسم التعليمي بالمغرب، يعتزم رجال ونساء التعليم خوض اشكال احتجاجية ردا على "تحرشات" حصاد الاستفزازية ضد رجال التعليم، وثأرا للاهانة التي احس بها الجميع جراء نشر اسماء مدرسين لم يسلموا من الامراض والاوجاع ولمشاكل النفسية جراء ظروف العمل المزرية، حتى عمق من جراحهم من المفروض فيه تقدير ظروفهم ومواساتهم. وقرر الاساتذة جعل يوم الخميس 19 اكتوبر الجاري داخل الاقسام كشكل احتجاجي، تمهيدا لاشكال اخرى اكثر تاثيرا لم يتم الحسم فيها بعد، في وقت دعا فيها آخرون الى التريث للرد على حصاد بأشكال نضالية اكثر فعالية لايصال رسالة واضحة الى المسؤولين بضرورة مراجعة سياستهم في التعامل مع مشاكل التعليم، واعادة الاعتبار لمحور هذا القطاع وركيزته في أي اصلاح منشود.