بقلم الاستاذ حميد وضاح
و "ما تحقيق الحقوق بالتمني، وانما تنال بالإصرار والحوار والتواصل"، من رحم هذا المسار، الذي كان طويلا وشاقا، ولد اتفاق 18 يناير 2022، الذي تم توقيعه بين النقابات الأكثر تمثيلية ووزير التربية والتعليم السيد شكيب بن موسى بحضور رئيس الحكومة السيد عبد العزيز أخنوش. ويهم الإدارة التربوية، وينص في مضمونه على تغيير إطار مديري المؤسسات التعليمية من إطار أستاذ أو ملحق تربوي أو ملحق الاقتصاد والإدارة إلى متصرف تربوي مما يسمح بالترقي إلى الدرجة الممتازة. وإذا كان هذا الاتفاق قد استحسنته الفئة الإدارية المستفيدة منه كما أنه أعاد شيئا من الثقة بين النقابات الأكثر تمثيلية و الوزارة الوصية، إلا أنه لم يكن تعاقدا منصفا لباقي ممارسي الإدارة التربوية، حيث لمسنا أن هناك فئة لم تستفد من ثمرات هذا الاتفاق ،وهي الفئة التي تدبر الإدارة التربوية على الصعيد المركزي والجهوي و الإقليمي، من رؤساء المصالح ورؤساء الأقسام والمديرين الإقليميين ،ويتمتعون بإطار إما ملحق تربوي أو ملحق الاقتصاد و الإدارة أو أستاذ، ويقبعون في السلم 11 منذ سنوات وكانوا ،كبقية زملائهم، يمنون النفس أنهم كذلك سينصفون من خلال هذا الاتفاق نظرا لجسامة وثقل المسؤولية التي يمارسونها، حيث تظل عرضة للجن التفتيش المركزية و لمحاسبة العسيرة لقضاة محاكم الحسابات الجهوية...
وفي اتصال بأحد الفاعلين النقابيين، رفض ذكر هويته، أكد لنا أن هذه الفئة ستدرس حالتها في النظام الأساسي الجديد، ما يعني التأخر في الاستفادة من ريع هذا الاتفاق مقارنة مع بقية زملائهم من المديرين، لأن العملية تتطلب جهدا إداريا وقانونيا وسياسيا طويلا.
وإذا كانت صورة الترقي الوظيفي تحضر في وعينا الجمعي، كاعتراف بما يسديه الموظف للإدارة التي يشتغل لصالحها من خدمات والتفاني فيها وكذا تعزيز الثقة في النفس والتحفيز على البذل والعطاء، فإن إقصاء هذه الفئة من الاستفادة من هذا الاتفاق حتما سيدفعها إلى الإحباط وسينعكس سلبا على نفسيتها وعلى عطائها. إذ لا يعقل أن يظل المدير الإقليمي او رئيس قسم او مصلحة قابعا في السلم 11 ومدير مؤسسة ابتدائية – الذي يشتغل تحت إمرته – أعلى منه درجة ومكانة إدارية لمجرد أنه وجد من يدافع عنه داخل النقابات والتنسيقيات في حين تظل هذه الفئة ممنوعة من الكلام والاحتجاج نظرا لحساسية وضعها الإداري. كما أنها تبقى مسؤولة أمام السلطة التربوية المركزية والقضاء والمجلس الأعلى للحسابات.
ونبقى كلنا رجاء في السيد الوزير-وإيمانا منا بفضيلة الانصات والحوار التي يتمتع بها، أنه سيتدارك هذا الخطأ الذي يعاني منه هذا الاتفاق وسيصحح اعوجاجه حتى يصبح ملاذا اجتماعيا لكل الفئات المتضررة من لا إنصافه.